القائمة الرئيسية

الصفحات









رسالة من سجن النقب الصحراوي - طارق برغوث

قبل ٤ شهور وأثناء سيري في ساحة الفورة، وقعتُ أرضاً، مما أدى إلى كسرٍ في كاحلِ اليد الأيمن...ألمٌ شديد وتغير في شكلِ اليد، بالإضافة إلى انتفاخها.

ليسَ من الضروري أن تكون طبيبًا لتجزم أنهُ كسر، ذهبت إلى عيادة السجن، ووجدتُ شخصين الأول يدعي أنه طبيبٌ عام، والثاني عرف نفسه على أنه طبيبُ أسنان، وبعد أن شرحت لهم ما حدث، وأخبرتهم أنه كسر بلا أدنى شك.




تحدثَ الطبيبان عن الحالة، وعرضَ طبيب الأسنان مساعدته عندما جاء بفكرةٍ لطيفة، فقال: "لما لا نقوم بأخذِ صورة لليد بواسطة جهاز الأشعةِ الخاص بتصوير الأسنان"، فأجاب الطبيب الآخر "العام" وهو بحماسٍ شديد أنها فكرة رائعة.



حاولتُ أن أوقف هذه المهزلة وأن أقول لهذان الشخصان أن يوقفوا هذه المهزلة وأن أقول لهما أن الأمر لن ينجح بسبب صِغَرِ الصورةِ التي يلتقطها جهاز الأشعة "الخاص بالأسنان"، ولكن وتحت وطأة الألم، وانعدام الخيارات أمامي، وافقت وبعد التصوير قال لي الطبيبان، أنه لا يوجد كسر باليد، وأن الألم الشديد سببه رضوض ستتعافى منها خلال أيام.




مرّ شهران والألم آخذاً في الأزدياد، وبعدها قرر الطبيب تحويل الأمر للمستشفى، حيث أخذ الوقت ثلاثة أيام من البوسطة، حتى وصلت للمستشفى، وأثناء هذه الفترة، مكثتُ في سجن "المعبار" حيث هناك ضغطٌ علي، وحشرات "البق"، امتصت ما امتصت من دمي.

غادرتُ المستشفى في اليوم التالي تحت حراسة وحدة "الناحشون" وأنا مُكبل اليدين والقدمين، وأُخذت صورة الأشعة خلال ١٠ دقائق، ثم عدت إلى "المعبار" لأجدَ حشرات البق تطالب في جرعة إضافية من دمي.

في اليوم التالي وصلتُ إلى النقب، فارغَ القوى،

وبعد أسبوع...طلبني الطبيب العام نفسه، وأبلغني أنّ هناك كسر في اليد، وسيجري تحويلي إلى الطبيب المختص "طبيب العظام" الذي جاء بعد أسبوعين، دخلت العيادة وقال لي هذا الطبيب: "يوجد كسر، ولكننا لا نستطيع أن نعالجه، لأن العظم قد التئم"...صحيح أن التئامه كان بصورة خاطئة مما أدى الى تغير شكل اليد وأيضاً إلى ضعفِ إصبع " البنصر"، إلا أن هذا ما حدث، ولا يمكن إجراء أي تغيير أو علاج!



بعد أيام...استشهد الأسير" سامي أبو دياك"، وقبل ذلك استشهدَ ثلاثة أسرى آخرين منذ بداية هذا العام 

وكان لي جلياً بوضوح، أن الأمر مرتبطٌ بوضوح بأشخاص أمثال "الطبيب العام وطبيب الأسنان"، ومرتبط بسياسة ممنهجة عنوانها "الإهمال الطبي المتعمد"، بالإضافة إلى ضعف ادارة الملف الطبي من "قبل الطرف الفلسطيني"، وجلُ كلُ ما يقوم به هذا الأسير ينحصر "بالاستنكارِ" على شريط أخبار تلفزيون فلسطين.

أثناء البوسطات للمستشفى، رأيتُ وسمعتُ عن الكثير من الأسرى المرضى، الذين سيلتحقون بالشهيد أبو دياك وإخوته طالما استمرت هذه الجريمة، "جريمة إهمال الأسرى من كُل الأطراف"

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات