النكبة: كيف نفهم المأساة فلسطينياً؟
احمد العاروري
"قدس الإخبارية" حاورت المؤرخ الفلسطيني جوني منصور حول النكبة ونتائجها وكيف يمكن استخلاص الدروس منها:
في البداية، لو كان لنا أن نوصف حرب النكبة بكلمات ماذا يمكن أن نقول؟
كارثة حلت على الشعب الفلسطيني تم تجهيز الخطط والعتاد العسكري والإمكانيات بهدف ترحيله من أرضه وإحلال الشعب اليهودي مكانه.
برأيك، ما هي العوامل التي حسمت الحرب لصالح العصابات الصهيونية على المقاتلين العرب والفلسطينيين؟
أهم العوامل التي ساعدت العصابات الصهيونية، هي الكميات اكبيرة من السلاح التي توفرت لها من مصادر متعددة، أولها: بقايا الساح الذي تركه جيش الاحتلال البريطاني في فلسطين، وقد سلم للصهاينة قواعده العسكرية والحربية وساعدها، وثانيها: الانتاج المحلي حيث أقامت الحركة الصهيونية مصانع سلاح في عدد من المستوطنات وكانت في الظاهر وكأنها بشكل سري ولكن بريطانيا كانت تغض الطرف عنها، بالإضافة إلى أن الصهاينة اشتروا السلاح من الأسواق العالمية بخاصة من بقايا الحرب العالمية، من تشيكوسلوفاكيا والاتحاد السوفياتي وغيرها.
هل كان بالإمكان أن تنقلب المعادلة لصالح الفلسطينيين في محطات معينة من الحرب؟
لو كان هناك تنظيم للقوى العسكرية في فلسطين كان من الممكن أن تضع خطط موحدة لمواجهة العصابات الصهيونية، لكن كثرة اللاعبين العرب على الأرض الفلسطينية وبعضهم كان ينقصه المعلومات الاستخباراتية الدقيقة عن قدرات العدو، بالإضافة لضعف المقاومة الفلسطينية بسبب الصراعات بين العائلات والقيادات السياسية.
تاريخياً، كيف تعامل الفلسطينيون مع حدث النكبة؟ وكيف ساهم بصناعة الهوية الفلسطينية فيما بعد؟
الهوية الفلسطينية بدأت بالتبلور قبل العام 1948 ضمن إطار مواجهة المشروعين الاستعماري البريطاني والصهيوني، وفي العشرينات تشكلت حركات بطابع ديني "إسلامي ومسيحي"، ثم في الثلاثينات ظهرت الأحزاب التي كان لها نتائج إيجابية من ناحية حرية الرأي والتعبير وأسست لعمل سياسي مهم، لكن الانقسامات التي حدثت فيما بعد ألحقت أضراراً بالحركة الوطنية الفلسطينية، كما ظهرت النوادي والحركات الثقافية والكشفية وغيرها.
بعد النكبة بدأ الفلسطينيون بإعادة بناء ذواتهم من خلال حركات المقاومة والعمل الفدائي بهدف تحقيق العودة إلى أرض فلسطين، وانتشر العمل الوطني في أماكن تواجد الفلسطينيين في غزة والضفة والمخيمات، من خلال التنظيمات المختلفة.
في الوقت الراهن، وأمام تحديات جديدة ظهرت أمام الفلسطيني، كيف لدراسة حدث النكبة أن يساهم بصياغة مشروع وطني مقاوم ويواجه المشروع الصهيوني؟
الشعوب تتعلم من أخطائها ويجب دراسة تجربة النكبة والاستفادة من كل دروسها، دون التوقف عند الأخطاء بل بهدف البناء والاستمرار بالعمل حتى تحقيق الغاية الكبرى من النضال الفلسطيني وهي العودة إلى أرض الوطن.
برأيك ما هي أوجه القصور الفلسطيني والعربي في دراسة النكبة؟ هل هناك نقص في الدراسات العسكرية والميدانية لما جرى في الحرب؟
هناك نقص كبير في التوجه لدراسة الأرشيفات المختلفة، فعلى سبيل المثال فإن أرشيف الجامعة العربية لم يفتح حتى اللحظة، كما أن دراسة أرشيفات وزارات الخارجية العرب قضية مهمة في البحث التاريخي المتعلق بالنكبة، مثلا الخارجية العراقية نظراً للدور الذي لعبه الجيش العراقي خلال حرب النكبة.
كما أن هناك نقصاً كبيراً في مراكز الدراسات التاريخية والاستراتيجية في الجامعات الفلسطينية، مقارنةً مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، وأهم مبدأ لكي تقاوم عدواً ما هو أن تعرفه.
كيف يمكن للمجتمع الفلسطيني وأحزابه ومؤسساته أن تحافظ على حق العودة كفعل ممارس ومشروع موجود على الأرض أكثر من أن يكون مجرد شعار؟
البداية بالتوعية الجماهيرية عبر وسائل الإعلام والأحزاب والفصائل، والتربية في المدارس عبر المناهج التعليمية التي تراجعت للأسف بعد الضغوط الإسرائيلية على السلطة للتقليص مما يبني الهوية في المناهج الفلسطينية، وبناء الإنسان يحتاج لأدوات ومناهج.
بعد 72 عاماً على إعلان قيام كيان الاحتلال على دولة فلسطين، ما هي الأخطاء العربية الفلسطينية التي ساعدته على تثبت نفسه حتى اللحظة؟
أكبر خطأ كان باتفاقية أوسلو التي مزقت الشعب الفلسطيني، ورغم أنها أعادت لاجئين فلسطينيين إلى الوطن إلا أنها أعادتهم إلى الضفة الغربية وليس إلى المدن التي هجروا منها مثل اللد والرملة وصفد وغيرها.
القبول بالحد الأدنى من أرض الوطن كان خطأ كبيراً، اتفاقية أوسلو نصت على منح الفلسطينيين 22% من أرض فلسطين، ونحن الان لا نملك سوى 10% وإذا ضم الاحتلال الأغوار فنصبح بدون شيء.
هناك فجوة بين الشعب والقيادة وتم إلهاء الناس بالقضايا الاقتصادية مثل قروض الإسكان، وأصبح المجتمع منهكاً بهذه القضايا وهي احدى وسائل الولايات المتحدة الأمريكية و"إسرائيل" للإمساك برقبة المجتمعات.
تعليقات
إرسال تعليق