كتب رئيس مجلس الإدارة السيد جمال النمر:
نحو الخروج من الظلام
بقلم جمال نمر
أمين سر جمعية الفنادق العربية
كنت قد اشرت في مقال سابق بعنوان "الكارثة المركبة" في شهر نيسان الفائت، الى حجم المأساة التي حلت بقطاع السياحة عموما والفنادق بشكل خاص، والذي اشرت فيه الى تجاهل حجم الخسائر التي حلت بهذا القطاع وطالبنا بمنحه الأولوية في المعالجة، وها نحن بعد 100 يوم من نشر المقال والمتابعة مع جهات الإختصاص على ما ورد فيه من أفكار، ما زلنا بانتظار المبادرة في هذا الشأن لوقف الدمار الشامل لقطاع حيوي، وتشتيت أكثر من 38 ألف موظف يعملون فيه، ودفعهم للإرتماء في أحضان المشغل الإسرائيلي كقوة مدربة على نفقة القطاع الخاص الفلسطيني واستثمر فيها جهود مضنيه لتصبح مؤهلة وجاهزة للعمل بحرفيه عاليه
بجهد جهيد وضخ استثمارات مهولة في ظل بيئة إستثمارية غير مواتية، سبحنا ضد المنطق في حسابات الربح والخسارة، ولم نلتفت الى كل المثبطات وحفرنا في صخر التحديات والمعيقات، ونهضنا بعد كل كبوة أكثر إصراراً على ترسيخ وتنمية وازدهار قطاع السياحة والفنادق. تمكنا خلال ربع القرن الأخير من فلسطنة هذا القطاع وإبراز قضيتنا من خلاله في العالم أجمع. رغم المعيقات أستطيع القول أن هذه الإنجازات تحققت بفعل انتماء القائمين عليه من المستمثرين والعاملين، وإصرارهم على رسم معالم الاستقلال وتثبيت فلسطين كمقصد سياحي مستقل، بالقدر اليسير من الدعم والمؤازرة.
اليوم، تدفن هذه الانجازات وتتبخر استثماراتنا و"شقى العمر"، بفعل تفشي الكورونا واهمال وتجاهل وعدم تعاون ذوي القربى. حيث لا نجد اذان صاغيه لنداءات الإستغاثة، ولا اعتراف بالزلزال الذي دمرنا، وكأن هذا الدمار يحدث بعيدا وفي قارة أخرى. فان الاستمرار لعدم الاستجابه لهذه النداءات، حتما سيوصلنا الى نقطة اللاعودة واستحالة إنقاذ وإنعاش قطاع السياحة والفنادق، خاصة وأن التذرع بوجود برنامج إقراض المنشآت الصغيرة والمتوسطة، والذي يتمنع القطاع المصرفي عن الإنخراط فيه، ويضع شروطاً قاسية للإستفادة منه، خاصة وأن معظم المستثمرين في هذا القطاع هم من المقترضين أصلا. وان هذا البرنامج تم انشائه للمنشات المتضرره .
لم تتم المبادره حتى الآن الى إجراء واحد يعيد الإعتبار ولو جزئيا لهذا القطاع، ، ولم نسمع بأي حافز تشريعي أو سياساتي أو حتى من خلال هيئة تشجيع الإستثمار لبث الأمل في نفوسنا ونحن نعيش مشهد مسك الختام، ولا حول لنا ولا قوة في منعه أو تخفيفه.بالرغم من الدمار الذي وقع على مجموعة الفنادق التي تم استخدامها للحجر الصحي والذي ادى الى تعميق الأزمة، بإساءة استخدام هذه المرافق وإلحاق أضرار شتى بمحتوياتها والعبث فيها بطرق غير منطقيه ، مما أضاف الى خسائر هذا القطاع ملايين الدولارات. وعلى الرغم من المتابعات الحثيثة مع كافة مراكز الإختصاص المسؤوله ، فإن أقصى ما حصل عليه المتضررون حتى اللحظه هو تشكيل لجنة وزارية لفحص الأضرار وتقدير حجم التعويضات التي يمكن صرفها لهم، على امل ان تسرع هذه اللجنه برفع تقديراتها للحكومه .
أدرك جيدا بان الحكومة تدير اقتصادا يعاني من ركود غير مسبوق، عمقته جائحة الكورونا وتأزم العلاقه مع الطرف الاخر ، انعكس ذلك على تدنٍ خطير في إيرادات السلطة من مصادرها المختلفة، بما في ذلك المقاصة، مما أدى عمليا الى تعمق فقرها الشديد وتعذر الوفاء بالتزاماتها، ولا ارى في الأفق أن الحال سيتبدل قريبا.
إلا أن ذلك لا يعفي احدا من تحمل المسؤولية ، والتصرف ببعد نظر في معالجة آثار الجائحة الكارثيه، وتوفير أقصى المستطاع للتخفيف عن اقتصادنا وشعبنا وتعزيز صموده، وهنا تكمن المعضله، بالتفرغ لمواجهة جائحة الكورونا وغض الطرف عن انعكاساتها الإقتصادية، إضافة الى تجاهل مناشدات القطاع الخاص لتشكيل لجنة طوارئ مالية واقتصادية موازية، حتى تكون القرارات الوقائية ذات أثر اقتصادي محدود. وقد أدى هذا السلوك الى وقوعنا في شرك معقد ما بين عدم التمكن من فرض الإجراءات الوقائية، وعدم الالتفات للإنهيار الإقتصادي.
بتقديري، لن يستفيد أحد من انهيار الاقتصاد ومن إقصاء القطاع الخاص وعدم إشراكه في معركة التغلب على الجائحة، فنحن المشغل الأكبر بكل المقاييس، ونحن المصدر الأساس لإيرادات السلطة، ونحن المحرك الاساسي للتنميه ،وسيؤدي ضعف وانهيار القطاع الخاص الى انهيار الإقتصاد ،وعليه فلا وقت للمجاملات والإستمرار بعدم الإعتراف بالنكبة الإقتصادية، والتصرف على أساس ذلك، لقد آن الأوان لمواقف مسؤولة وقرارات جريئة في مواجهة منحنى الإنهيار المتصاعد، لعلنا ونحن نعمل على صد الكورونا، نتمكن أيضا من صد استفحال الفقر واثاره الاجتماعيه ، وهذا لن يتأتى إلا بالمكاشفة والعمل الجاد على انقاذ ما يمكن إنقاذه. من هذا المنطلق، فإنني أضع بين يدي الحكومة والقطاع الخاص مجموعة أفكار، تم التطرق الى بعضها سابقا ولم تر النور، للخروج من هذا البئر العميق:
1. تشكيل فريق وطني اقتصادي ، بتمثيل متساوي من القطاع العام والخاص، يضم كافه القطاعات الاقتصاديه ، تكون مهمته مراجعة شاملة للوضع القائم، وبلورة خطة إنعاش إقتصادي، للتخفيف من أثر الجائحة وإنعاش البيئة الإستثمارية.
2. مبادرة الجكومة للتشاور مع القطاع الخاص بجدية ومسؤولية ، وإقرار رزمة حوافز سياساتية وإجرائية إستثنائية تمكن القطاع الخاص وبالتحديد القطاع السياحي من الحفاظ على موظفيه واستئناف النشاط الإقتصادي.
3. فتح السياحة الداخلية، واستعادة النشاط الإقتصادي لفلسطينيي الداخل وتنظيم زياراتهم الى الضفة الغربية ضمن شروط الوقايه الصحيه اللازمه حماية لهم ولنا من جائحة الكورونا
4. العمل على فتح المرافق الإقتصادية كافة دون قيد أو شرط، وإعلان برنامج وقاية مشدد يلزم جميع المواطنين، والإلتزام بمحاسبة من لا يلتزم بتطبيقه حرفيا. ويقتضي ذلك إصدار لائحة عقوبات اقتصادية وشخصية بحق من لا يلتزم بتطبيقها.
5. إعادة النظر بشروط الإستفادة من برنامج إستدامه وإلزام القطاع المصرفي بتبنيه وطرحه للمتضررين، خاصة قطاع السياحة والفنادق، والتزام الحكومة بضمان المستفيدين.
6. قيام الحكومة بتطوير برنامج خاص لإنقاذ قطاع السياحة والفنادق، بالتنسيق مع ممثلي هذا القطاع، و يشمل البرنامج توفير دعم للمتعطلين عن العمل فيه، وتخفيف التزامات المنشاءت المغلقة والمتضررة ضريبيا،
7. التفاهم مع القطاع المصرفي للتعامل بخصوصية مع تعثر النشيطين في قطاع السياحة والفنادق طوال فترة إغلاق السياحة العالمية في وجه اقتصادنا الوطني، والتي من المتوقع أن يستمر حتى نهاية 2021 على أقل تقدير.
8.بلورة آليات منطقية ورحيمة لمعالجه الاثار القانونيه لكل مخلفات الجائحه في المعاملات سواءً المالية أو التجارية.
يا ريت تجد الاذان الصاغية
ردحذف